أسباب الغيبة الصغرى
حسب زعم علماء الاثني عشرية، فقد تعددت الأسباب التي من أجلها غاب قائمهم المزعوم، إلا أن أبرز الأسباب التي ذكروها: خوفه من السلطة العباسية وتهيئة الشيعة للغيبة الكبرى، ولقد ذكر تفصيل هذه الأسباب أحد الاثني عشرية المعاصرين، وهو (ماهر آل شبر) في كتابه (شمس خلف السحاب) ونود هنا أن نعتمد كلامه في هذا المبحث، لأن المتأخرين بنوا كلامهم على ما ساقه الأقدمون من أكاذيب:
أولاً: الحفاظ على شخص الإمام المهدي (عليه السلام) وبقائه:
· {كما كان أيام الفراعنة وفي زمان النبي موسى (عليه السلام) حيث إنهم كانوا موعودين بخروج مخلص لبني إسرائيل ينهي ظلم الفراعنة ويدمر الطاغية فرعون ويقضي على جبروته، فما كان منه إلا أن قام بقتل الذكور من أبناء بني إسرائيل واستبقاء الإناث}.
نعم تخفّى موسى عليه السلام من فرعون وبعدها كان هلاك فرعون على يده، إلا أن فرعون المهدي الذي يختبئ منه قد مات وأصبح رميما فما للمهدي لم يخرج بعد.
· {كذلك كان من المعروف من الأخبار والروايات المتواترة عن النبي (صلى الله عليه وآله) أن عدد الأئمة اثنا عشر إماماً، وأن الإمام الثاني عشر هو الذي يزيل دول الظلم ويقضي على أئمة الجور والطغيان، فكان حكام الدولة العباسية يترقبوا هذا الأمر ويحسبون له ألف حساب}.
إن الدولة العباسية لم يزل المهدي المزعوم منها حجرا واحدا، لكن الخليفة العباسي أزال دولته بيده حين استوزر الخائن ابن العلقمي وأمثاله.
· {فوضعوا الإمام الحادي عشر أي الحسن العسكري (عليه السلام) تحت الإقامة الجبرية في بيته بسامراء، كما وضعوا نساءه تحت الرقابة المباشرة، وذلك للقضاء على الإمام الثاني عشر وتصفيته أول ولادته}.
· {لذلك شاء الله سبحانه وتعالى إخفاء أمر حمله وولادته إلا عن خواص الشيعة والموثوق بهم من المؤمنين}.
لا ندري من المقصود بالجماعة الذين شهدوا هذه الولادة!، لأن رواية حمله وولادته لم يروها إلا حكيمة بنت محمد بروايات ضعيفة ومتناقضة أيضا.
· {وبعد ولادته (عليه السلام) تناهى لمسامع الحكومة العباسية بعض الأخبار عن ذلك فتمت مداهمة بيت الإمام العسكري (عليه السلام) مرات عديدة وبشكل مفاجئ للقبض على الإمام المهدي (عليه السلام) وتصفيته، وباءت جميع محاولاتهم بالفشل، مما جعل أم الإمام المهدي السيدة نرجس (رض) تدعي بأنها حامل فسجنت عند القاضي بسامراء لمدة سنتين وذلك بعد وفاة الإمام العسكري حتى شغلوا عنها بثورة صاحب الزنج وسلمها الله منهم بفضله}.
· {فكانت هذه الظروف العصيبة هي التي دعت الإمام المهدي (عليه السلام) للغيبة حفاظاً على نفسه لكي لا يقتل كما قتل آباؤه (عليهم السلام) خصوصاً وهو آخر الأئمة وبقية حجج الله على الخلق وخاتم الأوصياء (عليهم السلام)، وهو المكلف بإقامة الدولة الإسلامية العالمية، فكان لابد من الحفاظ على وجوده بالغيبة حتى ينجز المهمة الموكل بها، وهذا ما نفهمه من الروايات التالية}.
· {فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: لابد للغلام من غيبة، فقيل له: ولم يا رسول الله، قال: يخاف القتل}.
· {وفي البحار عن الباقر (عليه السلام) قال: إذا ظهر قائمنا أهل البيت قال "ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكماً"، أي خفتكم على نفسي وجئتكم لما أذن لي ربي وأصلح لي أمري}.
· {وعن يونس بن عبد الرحمن قال: دخلت على موسى بن جعفر (عليه السلام) فقلت له: يا بن رسول الله أنت القائم بالحق؟ فقال (عليه السلام): أنا القائم بالحق، ولكن القائم الذي يطهر الأرض من أعداء الله ويملأها عدلاً كما ملئت جوراً هو الخامس من ولدي، له غيبة يطول أمدها خوفاً على نفسه، يرتد فيها أقوام ويثبت فيها آخرون}.
أين كانت هذه الرواية عن كبار أصحاب الكاظم وثقاته الذين وقف 67 شخصا منهم عليه!.
· {وخرج في التوقيع من الإمام المهدي (عليه السلام) لمحمد بن عثمان العمري في علة عدم ذكره باسمه: فإنهم إن وقفوا على الاسم أذاعوه، وإن وقفوا على المكان دلوا عليه}.
ألم يكن معروفا باسمه واسم أبيه وجده وجد جده.......، ألم يسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم، أليس هذا ما تقوله الشيعة صباح مساء، ما هذا التناقض الفاضح!.
· وهنا يتساءل ماهر آل شبر:
· {ولكن هل الخوف على نفسه (عليه السلام) يستدعي غيابه كل هذه القرون الطوال…؟
بالطبع هذا الأمر غير منطقي {وشهد شاهد من أهلها} فبعد انتهاء دولة بني العباس جاءت الكثير من الدول والممالك، ولم يعد يذكره أو يطلبه الظالمون بالشكل الذي كان في بدء غيبته، ولم يعد هناك حرج من ذكر اسمه أمام الناس، فلا بد أن هناك أسباب أخرى لاستمرار الغيبة الطويلة هذه، وهذا ما سنذكره إن شاء الله تعالى في الفصل القادم في أسباب الغيبة الكبرى}.
نعم غيبته غير منطقية، وأدلة وجوده يمكن دفعها وردها، باختصار هذا المزعوم برمته غير مقنع.
ثانياً: تهيئة الأمة للغيبة الكبرى والانقطاع التام عن الإمام:
وهذه لعلها هي العلة الحقيقية للغيبة المزعومة، فإن الكذبة الكبرى لا يمكن أن يقتنع بها عوام الشيعة إلا بكذبة صغرى تمهد لها.
· {كان المؤمنون في زمان الرسول (صلى الله عليه وآله) والأئمة الأطهار (عليهم السلام) يتلقون الأحكام الشرعية والتعاليم الإسلامية مباشرة من النبي والأئمة دون أي حاجز أو مانع، وإذا أشكل عليهم أمر ما أو قضية معينة يلجئون فيها إلى المعصوم فيحلها في الحال، واستمر هذا الأمر حتى عام 260 هـ، عند وفاة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام)، حيث اختلف الحال ولم يعد بإمكان المؤمنين الالتقاء بالإمام المهدي (عليه السلام) وتلقي الأحكام الشرعية على يديه مباشرة. ولكي لا تحدث ردة فعل عنيفة في الأمة لانقطاع الإمام عنها وغيابه بشكل مفاجئ، كان لابد من تهيئة الأمة للغيبة الكبرى، وتعويد الناس تدريجياً على احتجاب الإمام عنهم وبالتالي يستسيغون فكرة اختفائه (عليه السلام)}.
ولماذا تحدث عندهم ردة فعل تجاه الغيبة الكبرى، إذا كانت هناك نصوص متواترة عن غيبة الإمام!، أليس من مقتضى الإيمان والتسليم أن يذعن الشيعة لهذه النصوص، أم أن هذه النصوص قد وجدت بعد الوجود المزعوم والغيبة المزعومة!.
· {لذلك كان من شأن الإمام المهدي (عليه السلام) تعيين السفراء الأربعة رضوان الله تعالى عليهم خلال الغيبة الصغرى كواسطة بينه وبين الناس}.
إن نصوص القوم فيما يخص النواب تذكر أن تعيين النائب الأول والثاني كان من قبل الحسن العسكري وليس من قبل المهدي، فلا أدري من أين أتى (شبر) بهذا الكلام!؟.
· {كما كان (عليه السلام) متدرجاً في الاحتجاب عن الناس خلال تلك الفترة، حيث تمكن العديد منهم مشاهدته في أول الغيبة الصغرى وكان أقل احتجاباً عن الناس، وكلما مشى الزمان زاد احتجابه، حتى لا يكاد يُنقل عنه المشاهدة في زمن السفير الرابع لغير السفير نفسه.
إن نصوص المشاهدة المزعومة كلها أو أكثرها روايات ضعيفة وموضوعة، ورواتها من الضعفاء والمتروكين ذكرناهم بالتفصيل في مبحث أدلة وجود المهدي المزعوم.
· {ولقد شبهت الروايات الواردة عن النبي (صلى الله عليه وآله) والأئمة الأطهار، الإمام المهدي (عليه السلام) بالشمس المضيئة، فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لجابر بن عبد الله الأنصاري: أي والذي بعثني بالنبوة، إنهم لينتفعون به يستضيئون بنور ولايته في غيبته كانتفاع الناس بالشمس وإن جللها السحاب}.
أين وجه الشبه بين المهدي المزعوم والشمس التي تحجبها السحب!، وإن وجد هل يعد مدحا أم ذما، فإن الشمس لا تحجب بالسحب إلا أياما في أكثر بقاع الأرض أو أشهرا في أشد المناطق برودة وصعوبة مثل القطبين الذَين تكاد تكون الحياة فيهما معدومة بسبب غياب أشعة الشمس أكثر السنة، وصاحبنا(أي الشمس كما هو التشبيه) محتجب عن قومه من 1200 سنة، ومن كانت هذه حاله لا مزية لقومه بوجود الشمس محتجبة عنهم، إلا كمن يريد تذكيرهم بنعمة هي عنهم غائبة، فلو قدرنا غياب الشمس مطلقا 1200 سنة عن قوم أو بلد، فهذا هلاك عام لا مزية وفضل، ولكن أين العقول التي تعقل والقلوب التي تنكر.
· {فكما أن الشمس قبل غروبها تماماً تبقى أشعتها لمدة معينة من الزمن حتى تغيب تماماً ويحل الظلام الدامس، فكذلك الإمام كان في حال الغيبة الصغرى متدرجاً في الغيبة قبل انقطاعه التام عن الناس}.
ولكن لو لم تطلع الشمس من الغد، لتلاشى هذا الشعاع وتحول إلى ظلام دامس، وليكن في معلومك يا (ماهر آل شبر) أننا مازلنا ننتظر شروق الشمع من 1200 سنة!.
· {ويذكر السيد مجتبى السادة بهذا الشأن أن للإمام المهدي (عليه السلام) أيضاً ظهور أصغر يسبق الظهور الأكبر إن شاء الله تعالى وذلك يتمثل في عدة أحداث وقضايا سوف تحدث تمهد الأرض والبشرية لظهوره المبارك (عليه السلام)، حيث يقول: (وكذلك طلوع الشمس فإنه لا يكون مباشرة بل يبدأ الخيط الأبيض ثم الفجر ثم نور باهت يزداد تدريجياً حتى طلوع الشمس ساطعة في السماء، وهكذا فإن ظهور الحجة بن الحسن (عليه السلام)، وهو كالشمس المنيرة في سماء الولاية، لابد أن يسبقه ظهور أصغر يهيئ الأرضية للظهور الكامل لوجوده المقدس}.
وهذا الظهور الأصغر من الأساطير الجديدة لم يذكرها متقدمو الشيعة، ولا يدل هذا الزعم إلا على أن حقيقة محمد بن الحسن العسكري مجرد خرافة كذبها المتقدمون وحار فيها المتأخرون، فما يزالون يرقعون هذه العقيدة ولكن الخرق ما زال يتسع عليهم اتساعا، وإنا لمنتظرون جديدهم.
ثالثاً: إثبات حقيقة وجود الإمام المهدي (عليه السلام) وإبطال شبهات المشككين:
· {بعد وفاة الإمام الحسن العسكري (عليه السلام) عام 260 هـ، وبسبب خفاء أمر ولادة الإمام المهدي (عليه السلام) عن أكثر الناس، بدأ الشك يدب في نفوس الكثير منهم بوجوده (عليه السلام) خصوصاً مع اقتسام إرث أبيه الإمام العسكري بين عمه جعفر وجدته ـ أي أم الإمام العسكري، حيث أوصى لها الإمام العسكري بأوقافه وصدقاته ـ هذا بالإضافة لادعاء عمه جعفر الكذاب الإمامة، فكان لابد من إثبات وجود الإمام المهدي عبر بعض المشاهدات للعديد من الناس، وهي التي حصلت بالفعل في فترة الغيبة الصغرى كصلاته (عليه السلام) على جنازة أبيه ولقائه بوفد القميين الذين جاءوا لتسليم الأموال للإمام العسكري ووصفه الدقيق لتلك الأموال}.
ولماذا يحتاج لبعض المشاهدات للعديد من الناس، ألم يسمعوا بالأحاديث عنه، ألم يسمعوا بولادته، ألم يسمعوا بكيفيتها، ألم يسمعوا بقداسة أمه، ألم يسمعوا بقدرته وإمكاناته، ألم يسمعوا بإمامته، ألم يسمعوا بغيبته، ألم يسمعوا بنوابه، ألم يسمعوا بعودته، ألم ................، ألم.................، يا معشر الشيعة إن دعوى الغيبة المزعومة ما زادتكم إلا حيرة وشكاً، ولذلك وقف الكثير من أصحاب الحسن العسكري عليه وأنكروا وجود ابن له من الأساس، كما أن غير الاثني العشرية سواء من باقي فرق الشيعة أو أهل السنة، زادتهم دعوى الغيبة يقيناً بخرافة محمد بن الحسن العسكري، ولكن أين العقول التي تعقل والقلوب التي تنكر.
هذا ما ذكره (ماهر آل شبر) في كتابه (شمس خلف السحاب) فيما يتعلق بأسباب الغيبة الصغرى، وقد أتينا على هدمها والحمد لله. |